كتاب مختصر سيره الرسول صلى الله عليه وسلم
ارجو عمل قسم للسيره ويسمى مختصر سيره الرسول صلى الله عليه وسلم لدى معلومات ثمينه تخص هذا الكتاب واذا تم عمله يتم نشر الكتاب بالتسلسل وبعد ذلك يتم غلق القسم لكى لا يتم فيه موضوعات اخرى حتى يتم للقارىء الاستمتاع بالقراءه مرتبه وفى قسم واحد لمن يحب الاطلاع
واليكم مقدمه الكتاب لحين عمل القسم
مختـصر سـيرة الرسـول ( صلى الله عليه وسلم )
[ مقدمة الكتاب ]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اعلم رحمك الله أن أفرض ما فرض الله عليك معرفة دينك . الذي معرفته والعمل به سبب لدخول الجنة والجهل به وإضاعته سبب لدخول النار .
ومن أوضح ما يكون لذوي الفهم قصص الأولين والآخرين قصص من أطاع الله وما فعل بهم وقصص من عصاه وما فعل بهم . فمن لم يفهم ذلك ولم ينتفع به فلا حيلة فيه . كما قال تعالى ( 50 : 36 ) وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أشد منهم بطشا فنقبوا في البلاد هل من محيص .
وقال بعض السلف " القصص جنود الله " يعني أن المعاند لا يقدر يردها .
فأول ذلك ما قص الله سبحانه عن آدم وإبليس إلى أن هبط آدم وزوجه إلى الأرض . ففيها من إيضاح المشكلات ما هو واضح لمن تأمله . وآخر القصة قوله تعالى ( 2 : 38 ، 39 ) قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وفي الآية الأخرى ( 20 : 133 - 137 ) فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا - إلى قوله - ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .
وهداه الذي وعدنا به هو إرساله الرسل . وقد وفى بما وعد سبحانه فأرسل الرسل مبشرين ومنذرين . لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل . فأولهم نوح . وآخرهم نبينا صلى الله عليه وعليهم وسلم .
فاحرص يا عبد الله على معرفة هذا الحبل الذي بين الله وبين عباده الذي من استمسك به سلم ومن ضيعه عطب . فاحرص على معرفة ما جرى لأبيك آدم وعدوك إبليس وما جرى لنوح وقومه وهود وقومه وصالح وقومه و إبراهيم وقومه ولوط وقومه وموسى وقومه وعيسى وقومه ومحمد صلى الله عليه وعليهم وسلم وقومه .
واعرف ما قصه أهل العلم من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وقومه وما جرى له معهم في مكة ، وما جرى له في المدينة .
واعرف ما قص العلماء عن أصحابه وأحوالهم وأعمالهم . لعلك أن تعرف الإسلام والكفر . فإن الإسلام اليوم غريب وأكثر الناس لا يميز بينه وبين الكفر . وذلك هو الهلاك الذي لا يرجى معه فلاح .
وأما قصة آدم . وإبليس فلا زيادة على ما ذكر الله في كتابه . ولكن قصة ذريته . فأول ذلك أن الله أخرجهم من صلبه أمثال الذر وأخذ عليهم العهود أن لا يشركوا به شيئا ، كما قال تعالى ( 7 : 172 ) وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ورأى فيهم الأنبياء مثل السرج . ورأى فيهم رجلا من أنورهم . فسأله عنه ؟ فأعلمه أنه داود . فقال كم عمره ؟ قال ستون سنة . قال وهبت له من عمري أربعين سنة وكان عمر آدم ألف سنة . ورأى فيهم الأعمى ، والأبرص والمبتلى . قال يا رب لم لا سويت بينهم ؟ قال إني أحب أن أشكر . فلما مضى من عمر آدم ألف سنة إلا أربعين أتاه ملك الموت . فقال إنه بقي من عمري أربعون سنة . فقال إنك وهبتها لابنك داود . فنسي آدم فنسيت ذريته وجحد آدم فجحدت ذريته .
فلما مات آدم . بقي أولاده بعده عشرة قرون على دين أبيهم دين الإسلام . ثم كفروا بعد ذلك . وسبب كفرهم الغلو في حب الصالحين . كما ذكر الله تعالى في قوله ( 70 : 23 ) وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وذلك أن هؤلاء الخمسة قوم صالحون كانوا يأمرونهم وينهونهم . فماتوا في شهر . فخاف أصحابهم من نقص الدين بعدهم . فصوروا صورة كل رجل في مجلسه لأجل التذكرة بأقوالهم وأعمالهم إذا رأوا صورهم ولم يعبدوهم ثم حدث قرن آخر فعظموهم أشد من تعظيم من قبلهم ولم يعبدوهم تم طال الزمان ومات أهل العلم . فلما خلت الأرض من العلماء ألقى الشيطان في قلوب الجهال أن أولئك الصالحين ما صوروا صور مشايخهم إلا ليستشفعوا بهم إلى الله فعبدوهم .
فلما فعلوا ذلك أرسل الله إليهم نوحا عليه السلام ليردهم إلى دين آدم وذريته الذين مضوا قبل التبديل . فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه ثم عمر نوح وأهل السفينة الأرض وبارك الله فيهم وانتشروا في الأرض أمما ، وبقوا على الإسلام مدة لا ندري ما قدرها ؟ .
تم حدث الشرك . فأرسل الله الرسل . وما من أمة إلا وقد بعث الله فيها رسولا يأمرهم بالتوحيد وينهاهم عن الشرك . كما قال تعالى ( 16 : 36 ) ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وقال تعالى ( 23 : 44 ) ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه الآية .
ولما ذكر القصص في سورة الشعراء ختم كل قصة بقوله إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين فقص الله سبحانه ما قص لأجلنا . كما قال تعالى ( 12 : 111 ) لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى الآية .
ولما أنكر الله على أناس من هذه الأمة - في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أشياء فعلوها . قال ( 9 : 70 ) ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين الآية . وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص على أصحابه قصص من قبلهم ليعتبروا بذلك . وكذلك أهل العلم في نقلهم سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جرى له مع قومه وما قال لهم وما قيل لهم . وكذلك نقلهم سيرة الصحابة وما جرى لهم مع الكفار والمنافقين وذكرهم أحوال العلماء بعدهم . كل ذلك لأجل معرفة الخير والشر .
إذا فهمت ذلك فاعلم أن كثيرا من الرسل وأممهم لا نعرفهم . لأن الله لم يخبرنا عنهم لكن أخبرنا عن عاد ، التي لم يخلق مثلها في البلاد . فبعث الله إليهم هودا عليه السلام .
فكان من أمرهم ما قص الله في كتابه وبقي التوحيد في أصحاب هود إلى أن عدم بعد مدة لا ندري كم هي ؟ وبقي في أصحاب صالح . إلى أن عدم مدة لا ندري كم هي ؟ .
تم بعث الله إبراهيم عليه السلام وليس على وجه الأرض يومئذ مسلم . فجرى عليه من قومه ما جرى ، وآمنت به امرأته سارة
ثم آمن له لوط عليه السلام ومع هذا نصره الله ورفع قدره وجعله إماما للناس .
ومنذ ظهر إبراهيم عليه السلام لم يعدم التوحيد في ذريته كما قال تعالى ( 43 : 28 ) وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون
فإذا كان هو الإمام فنذكر شيئا من أحواله لا يستغني مسلم عن معرفتها ،فنقول في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لم يكذب إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم قط . إلا ثلاث كذبات ثنتين في ذات الله قوله ( 37 : 89 ) إني سقيم وقوله ( 21 : 63 ) بل فعله كبيرهم هذا وواحدة في شأن سارة فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة وكانت أحسن الناس فقال لها : إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي : يغلبني عليك ، فإن سألك ، فأخبريه أنك أختي ، فإنك أختي في الإسلام فإني لا أعلم في الأرض مسلما غيري وغيرك ، فلما دخل أرضه رآها بعض أهل الجبار فأتاه فقال لقد قدم أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك ، فأرسل إليها ، فأوتي بها ، فقام إبراهيم إلى الصلاة فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها ، فقبضت يده قبضة شديدة فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ، فلك الله أن لا أضرك . ففعلت فعاد فقبضت يده أشد من القبضة الأولى ، فقال لها مثل ذلك فعاد فقبضت يده أشد من القبضتين الأولتين فقال لها : ادعي الله أن يطلق يدي ، ولك الله أن لا أضرك ، ففعلت فأطلقت يده ودعا الذي جاء بها ، فقال له إنك إنما جئتني بشيطان ولم تأتني بإنسان . فأخرجها من أرضي ، وأعطاها هاجر ، فأقبلت فلما رآها إبراهيم . انصرف فقال لها : مهيم ؟ قالت خيرا ، كف الله يد الفاجر وأخدم خادما " . قال أبو هريرة : فتلك أمكم يا بني ماء السماء
وللبخاري أن إبراهيم لما سئل عنها ؟ قال هي أختي ، ثم رجع إليها ، فقال لا تكذبي حديثي . فإني أخبرتهم أنك أختي . والله ما على الأرض مؤمن غيري وغيرك ، فأرسل بها إليه فقام إليها ، فقامت تتوضأ وتصلي ، فقالت اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك ، وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تسلط علي يد الكافر . فغط حتى ركض برجله الأرض . فقالت اللهم إن يمت يقال هي قتلته فأرسل ثم قام إليها فقامت تتوضأ وتصلي ، وتقول اللهم إن كنت آمنت بك وبرسولك ، وأحصنت فرجي إلا على زوجي ، فلا تسلط علي هذا الكافر فغط حتى ركض برجله . فقالت اللهم إن يمت يقال هي قتلته فأرسل في الثانية أو الثالثة فقال والله ما أرسلتم إلي إلا شيطانا ، أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها هاجر . فرجعت إلى إبراهيم فقالت أشعرت ؟ إن الله كبت الكافر وأخدم وليدة "
وكان عليه السلام في أرض العراق . وبعد ما جرى عليه من قومه ما جرى هاجر إلى الشام . واستوطنها ، إلى أن مات فيها . وأعطته سارة الجارية التي أعطاها الجبار . فواقعها . فولدت له إسماعيل عليه السلام فغارت سارة . فأمره الله بإبعاده عنها . فذهب بها وبابنها فأسكنها في مكة . تم بعد ذلك وهب الله له ولسارة إسحاق عليه السلام كما ذكر الله بشارة الملائكة له ولها بإسحاق . ومن وراء إسحاق يعقوب .
وفي الصحيح عن ابن عباس قال لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ومعه شنة فيها ماء . فجعلت أم إسماعيل تشرب من الشنة فيدر لبنها على صبيها ، حتى قدم مكة . فوضعها تحت دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد - وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء - ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء . ثم قفى إبراهيم منطلقا ، فتبعته أم إسماعيل . فلما بلغوا كداء ، نادته من ورائه يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس به أنيس ولا شيء ؟ فقالت له ذلك مرارا ، وجعل لا يلتفت إليها . فقالت له آلله أمرك بهذا ؟ قال نعم . قالت إذن لا يضيعنا - وفي لفظ إلى من تكلنا ؟ قال إلى الله . قالت رضيت - ثم رجعت .
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية . حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا بهؤلاء الدعوات ورفع يديه فقال ( 14 : 37 ) ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون وجعلت أم إسماعيل ترضعه . وتشرب من الشنة . فيدر لبنها على صبيها . حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت وعطش ابنها . وجعلت تنظر إليه يتلوى - أو قال يتلبط - فانطلقت كراهية أن تنظر إليه . فوجدت الصفا أقرب جبل إليها ، فقامت واستقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا ؟ فلم تر أحدا . فهبطت من الصفا ، حتى إذا بلغت الوادي رفعت طرف درعها . ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة ، فقامت عليها . فنظرت هل ترى أحدا ؟ فم تر أحدا . ففعلت ذلك سبع مرات
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه وسلم فذلك سعي الناس بينهما - ثم قالت لو ذهبت فنظرت ما فعل ؟ - تعني الصبي - فذهبت فنظرت . فإذا هو على حاله كأنه ينشغ للموت . فلم تقر نفسها . فقالت لو ذهبت لعلي أحس أحدا ؟ فذهبت فصعدت الصفا . فنظرت . فلم تحس أحدا . حتى أتمت سبعا . ثم قالت لو ذهبت فنظرت ما فعل ؟ فإذا هي بصوت . فقالت أغث إن كان عندك خير . فإذا بجبريل . قال فقال بعقبه على الأرض . فانبثق الماء فذهبت أم إسماعيل فجعلت تحفر فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم يرحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم - أو قال لو لم تغرف من الماء - لكانت زمزم عينا معينا - وفي حديثه فجعلت تغرف الماء في سقائها - قال فشربت وأرضعت ولدها . فقال لها الملك لا تخافي الضيعة . فإن ههنا بيتا لله يبنيه هذا الغلام وأبوه إن الله لا يضيع أهله . وكان البيت مرتفعا من الأرض الرابية . تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله . فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم ، مقبلين من طريق كداء ، فرأوا طائرا عائفا ، فقالوا : إن هذا الطائر ليدور على ماء . لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء فأرسلوا جريا ، أو جريين . فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم فأقبلوا ، وقالوا لأم إسماعيل أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت نعم ولكن لا حق لكم في الماء . قالوا : نعم - قال ابن عباس : قال النبي فألفى ذلك أم إسماعيل وهي تحب الأنس - فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معهم . حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام . وتعلم العربية منهم . وأنفسهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم . وماتت أم إسماعيل . وجاء إبراهيم - بعد ما تزوج إسماعيل - يطالع تركته فلم يجد إسماعيل فسأل امرأته عنه ؟ فقالت خرج يبتغي لنا . ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم ؟ فقالت نحن بشر نحن في ضيق وشدة . فشكت إليه .
قال فإذا جاء زوجك أقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه . فلما جاء إسماعيل كأنه آنس شيئا . فقال هل جاءكم من أحد ؟ قالت نعم جاءنا شيخ - كذا وكذا - فسألنا عنك ؟ فأخبرته ، وسألني : كيف عيشنا ؟ فأخبرته أنا في جهد وشدة .
قال فهل أوصاك بشيء ؟ قال نعم . أمرني أن أقرأ عليك السلام و يقول غير عتبة بابك . قال ذاك أبي . وقد أمرني أن أفارقك . الحقي بأهلك ، فطلقها . وتزوج منهم امرأة أخرى ، فلبث عنهم إبراهيم ما شاء الله فقال لأهله إني مطلع تركتي . فجاء فقال لامرأته أين إسماعيل ؟ قالت ذهب يصيد . قالت ألا تنزل فتطعم وتشرب ؟ قال وما طعامكم وما شرابكم ؟ قالت طعامنا اللحم وشرابنا الماء .
قال اللهم بارك لهم في طعامهم وشرابهم - قال فقال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بركة دعوة إبراهيم فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه . قال النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن لهم يومئذ حب . ولو كان لهم حب دعا لهم فيه - وسألها عن عيشها وهيئتهم ؟ فقالت نحن بخير وسعة وأثنت على الله .
قال إذا جاء زوجك : فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه . فلما جاء إسماعيل قال هل أتاكم من أحد ؟ قالت نعم . شيخ حسن الهيئة - وأثنت عليه - فسألني عنك ؟ فأخبرته . فسألني : كيف عيشنا : فأخبرته أنا بخير . قال هل أوصاك بشيء ؟ قالت نعم هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك . قال ذاك أبي . وأنت العتبة أمرني أن أمسكك . ثم لبث عنهم ما شاء الله فقال لأهله إني مطلع تركتي ، فجاء . فوافق إسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم : فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد .
ثم قال يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر قال فاصنع ما أمرك ربك . قال وتعينني ؟ قال وأعينك . قال فإن الله أمرني أن أبني ههنا بيتا - وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها - قال فعند ذلك رفعا القواعد من البيت . فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني . حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر ، فوضع له . فقام عليه وهو يبني ، وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان ( 3 : 127 ) ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم . هذا آخر حديث ابن عباس .
فصارت ولاية البيت ومكة لإسماعيل . ثم لذريته من بعده وانتشرت ذريته في الحجاز وكثروا . وكانوا على الإسلام دين إبراهيم وإسماعيل قرونا كثيرة . ولم يزالوا على ذلك حتى كان في آخر الدنيا : نشأ فيهم عمرو بن لحي فابتدع الشرك وغير دين إبراهيم وتأتي قصته إن شاء الله .
وأما إسحاق عليه السلام
فإنه بالشام . وذريته هم بنو إسرائيل والروم .
أما بنو إسرائيل : فأبوهم يعقوب عليه السلام ابن إسحاق ، ويعقوب هو إسرائيل .
وأما الروم : فأبوهم عيص بن إسحاق . ومما أكرم الله به إبراهيم عليه السلام أن الله لم يبعث بعده نبيا إلا من ذريته كما قال تعالى ( 29 : 27 ) وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وكل الأنبياء والرسل من ذرية إسحاق .
وأما إسماعيل فلم يبعث من ذريته إلا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بعثه الله إلى العالمين كافة . وكان من قبله من الأنبياء كل نبي يبعث إلى قومه خاصة . وفضله الله على جميع الأنبياء بأشياء غير ذلك .
وأما قصة عمرو بن لحي وتغييره دين إبراهيم
فإنه نشأ على أمر عظيم من المعروف والصدقة والحرص على أمور الدين . فأحبه الناس حبا عظيما . ودانوا له لأجل ذلك . حتى ملكوه عليهم . وصار ملك مكة وولاية البيت بيده . وظنوا أنه من أكابر العلماء وأفاضل الأولياء . تم إنه سافر إلى الشام . فرآهم يعبدون الأوثان . فاستحسن ذلك وظنه حقا . لأن الشام محل الرسل والكتب . فلهم الفضيلة بذلك على أهل الحجاز وغيرهم . فرجع إلى مكة ، وقدم معه بهبل . وجعله في جوف الكعبة ، ودعا أهل مكة إلى الشرك بالله . فأجابوه . وأهل الحجاز في دينهم تبع لأهل مكة . لأنهم ولاة البيت وأهل الحرم . فتبعهم أهل الحجاز على ذلك ظنا أنه الحق . فلم يزالوا على ذلك حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم بدين إبراهيم عليه السلام وإبطال ما أحدثه عمرو بن لحي .
وكانت الجاهلية على ذلك وفيهم بقايا من دين إبراهيم لم يتركوه كله . وأيضا يظنون أن ما هم عليه وأن ما أحدثه عمرو : بدعة حسنة . لا تغير دين إبراهيم . وكانت تلبية نزار لبيك . لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك فأنزل الله ( 30 : 27 ) ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون .
ومن أقدم أصنامهم " مناة " وكان منصوبا على ساحل البحر بقديد . تعظمه العرب كلها ، لكن الأوس والخزرج كانوا أشد تعظيما له من غيرهم . وبسبب ذلك أنزل الله ( 2 : 158 ) إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما .
ثم اتخذوا " اللات " في الطائف ، وقيل إن أصله رجل صالح كان يلت السويق للحاج فمات فعكفوا على قبره .
ثم اتخذوا " العزى " بوادي نخلة بين مكة والطائف .
فهذه الثلاث أكبر أوثانهم . تم كثر الشرك . وكثرت الأوثان في كل بقعة من الحجاز .
وكان لهم أيضا بيوت يعظمونها كتعظيم الكعبة . وكانوا كما قال تعالى ( 3 : 164 ) لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين ولما دعاهم رسول الله إلى الله اشتد إنكار الناس له علمائهم وعبادهم وملوكهم وعامتهم حتى إنه لما دعا رجلا إلى الإسلام قال له " من معك على هذا ؟ قال حر وعبد " ومعه يومئذ أبو بكر وبلال رضي الله عنهما .
وأعظم الفائدة لك أيها الطالب وأكبر العلم وأجل المحصول - إن فهمت ما صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال بدأ الإسلام غريبا . وسيعود غريبا كما بدأ . وقوله لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه . قالوا : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال فمن ؟ . وقوله ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة . كلها في النار إلا واحدة .
فهذه المسألة أجل المسائل . فمن فهمها فهو الفقيه . ومن عمل بها فهو المسلم . فنسأل الله الكريم المنان أن يتفضل علينا وعليكم بفهمها والعمل بها .